أسلوبك “نعم”، أسلوبي “لا” في الإدارة

“كيف تدير مديرك”، “كيف تكتسب انتباه مديرك” ، ” كيف تنطلق في عملك تحت إدارة مدير غير مؤثٍّر”؟! هذه نماذج من عنوانات منشورة في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو، وجميعها تناقش كيف أن توجهات المدير تحكم أسلوب الإدارة في المنشأة، بما في ذلك أداء الموظفين وتفاعلاتهم فيما بينهم
في المقالة التالية نسلط الضوء على الاختلاف بين المدراء في ممارسة السلطة، أو ما اصطلح على تسميته “بأسلوب الإدارة”، وكيف يحتاج كل مدير لتطوير أسلوبه الإداري ليحقق بصمة جديرة في مستقبله المهني.

ما المقصود بأسلوب الإدارة

أسلوب الإدارة هو الطريقة التي يتبعها المديرون في تحقيق الأهداف. وتشمل: اتخاذ القرارات، والتخطيط ، وتنظيم المهام، وكيف يمارسون السلطة في محيط العمل. إن الأسلوب في المجمل هو تحديد سلوكيات المدير خلال مواقف العمل المختلفة.

أشكال أساليب الإدارة

على الرغم من حديثنا المتكرر عن مأسسة العمل الإداري أو إلكترونية الخطوات الإدارية اليوم؛ غير أن التصرف الإنساني المتمثل في وجهة نظر المدير يستمر في كونه العلامة الفارقة بين أنماط الإدارة الواسعة. وفيما يلي، قد اخترنا ثلاثة أشكال من أساليب الإدارة التي التصقت بأداء شخصيات مؤثِّرة على مستوى العالم.

* أسلوب الإدارة المتفرِّد بالسلطة :

يؤكد المدراء في هذا الأسلوب على تمكنهم من السلطة الكاملة لاتخاذ القرارات، وهم بالتالي يتوقعون الطاعة دون جدال من العاملين معهم. ويعتبر بيل غيتس مثالا على الزعيم المتفرد بالسلطة في وجهها الإيجابي. فعندما ابتدأ بيل غيتس شركته، كانت لديه خطة واضحة، إلا أن العاملين معه صعُب عليهم إدراك تفصيلاتها. ومع هذا فقد تمسك بالفكرة وأجبر مَن حوله على السير وِفقها حتى أصبحت “مايكروسوفت” واقعا مفروضا في صناعة التقنية. أسلوب الإدارة وفق الرؤية الشاملة

* أسلوب الإدارة وفق الرؤية الشاملة

يكتسب المدير في هذا الأسلوب وصف القائد الملهم، والمفكِّر الاستراتيجي، أو صاحب الإيمان بالمبدأ. يركز المدراء هنا على نقل الرؤية العامة إلى فريقهم دون الدخول في تفاصيل مهام العمل. وهنا يبرز الزعيم نيسلون مانديلا وجها للقائد الرؤيوي الذي قاد حركة التحرر ضد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. إذ شكل مصدر إلهام لشعبه دون أن يملي على كل شخص ما الذي عليه أن يفعله.

* أسلوب إدارة القيادة الخادمة

في هذا الأسلوب يتحول المدير إلى مستشار و مدرِّب ومعلم وموجِّه وداعم لفريق العمل. ويبرز جاك ما، الرئيس التنفيذي لمجموعة علي بابا، مثالًا قويا لشخصية المدير بالقيادة الخادمة، فهو يقدِّر الذكاء العاطفي ويعزِّز الحب بين موظفيه من أجل تحقيق الارتقاء النفسي والمالي لكل عضو في فريق العمل.

حياة في الإدارة

في كتابه ” حياة في الإدارة” يضع غازي القصيبي أسلوبا يراه مغايرا لما هو متعارف عليه من أساليب الإدارة، إذ يشير : ( تبلورت ملامح أسلوبي في الإدارة، هذا الأسلوب الذي نستطيع في غياب تعبير أفضل، أن نسميه الأسلوب الهجومي. وأقصد التفرقة بينه وبين الأسلوب الشائع بين الإداريين والذي يكمن في الأسلوب الدفاعي. ما الفرق بين الأسلوبين؟ الإداري الهجومي لا ينتظر القرارات ولكن يستبقها، والإداري الدفاعي يحاول أن يبتعد عن اتخاذها. الهجومي لا ينتظر حتى تتضخم المشاكل، أما الدفاعي فلا يتعامل مع أي مشكلة إلا بعد أن تتخذ حجما يستحيل معه تجاهلها. الهجومي يدير المؤسسة من مكتبه ويحرص على أن يكون في الموقع أكبر وقت ممكن، أما الدفاعي فلا يغادر مكتبه إلا في المحن والأزمات. الهجومي يعتبر نفسه مسؤولا عن تطوير الجهاز وإصلاحه، أما الدفاعي فلا يرى لنفسه مهمة تتجاوز الإدارة اليومية. الهجومي لا يخشى أن يكون موضع جدل، أما الدفاعي فيتجنب كل ما يثير الجدل. الهجومي ينفق كل الاعتمادات ويطالب بالمزيد، أما الدفاعي فيستوي عنده الإنفاق والتوفير. الهجومي لا يسمح للمعارضة أن تثنيه عن موقفه، أما الدفاعي فيتراجع عند اصطدامه بأول جدار.

لعل الفارق الكبير أن الهجومي لا يهمه أن يخسر وظيفته، أما الدفاعي فكل شيء يهون لديه في سبيل البقاء في موقعه. لا أريد أن يفهم أحد أن الأسلوب الهجومي هو بالضرورة أفضل من الأسلوب الدفاعي. هناك مؤسسات لا يمكن أن تدار بأسلوب هجومي، كوزارات المالية والخارجية والتخطيط وأجهزة المراقبة. ومؤسسات ينعشها الأسلوب الهجومي كوزارات الخدمات بصفة عامة. )

كيف تبني أسلوبك في الإدارة

مع ختام هذه المقالة ندرج لك مجموعة من المحدِّدات التي تمكنك من رسم أسلوبك في الإدارة.

  • أولا: حدِّد من أنت: ما هي طريقتك في أداء المهام الوظيفية؟ ما محفزاتك المهنية؟ وكيف تتواصل مع العاملين معك؟
  • ثانيا: حدِّد عاداتك في العمل: كيف تدير وقتك؟ كيف تحدد الأولويات؟ هل تفضل العمل مع فريق، أم توزيع المهام على أفراد مستقلين؟
  • ثالثا: حدِّد كيف يراك العاملون معك: انتبه لردة فعل الأشخاص عندما تكلفهم بأداء المهام، أو بالتفاعل مع قراراتك. وفي حال كان العمل في تراجع فإن عليك أن تحدد كيف ساهم سلوكك في الوصول إلى هذه النتائج.
  • رابعا: حدِّد سياق العمل في المنشأة: هل العمل تحت الضغط هو الطابع العام في المنشأة؟ هل يؤمن الموظفون بنظام المكافآت المالية وحده لرفع مستوى أدائهم؟ هل تعتمد المنشأة أسلوب تفويض الأعمال أم لا بد من العودة المتكررة إلى المدير في كل صغيرة وكبيرة؟
  • خامسا: حدِّد نقاط القوة والضعف في مهاراتك: ركِّز في مستهل عملك الإداري على زوايا العمل التي تمتلك مهارات جيدة فيها، ثم حدد تباعا ما يلزمك تطويره من مهارات جديدة. إن المهارات المساندة مثل: التواصل الفعال، وتصميم العروض التقديمية، وإدارة الوقت قد تدفع بك إلى آفاق أوسع في تحديد أسلوبك الإداري.

ثم تذكر دوما؛ أن الهدف من انتهاج أسلوب الإدارة هو الدفع بالأطراف المتعددة لتحقيق أهداف ترتفع بمستوى الأداء، كما تفيد قيمة مضافة على حياة الموظفين.

بقلم / غادة العمودي

تقدم إلى وظيفة الآن